اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 342
وبعد ما تمرنوا بالصبر واستقاموا على ما أمروا مخبتين فازوا بما ناجوا وطلبوا مؤملين
وَاذكر يا أكمل الرسل وقت إذ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ اى عبرناهم من البحر سالمين وذلك حين هم فرعون وملاؤه ان يكبوا على بنى إسرائيل ويستأصلوهم بالمرة فأوحينا الى موسى ان أسر بعبادي ليلا فاسرى بهم فأخبروا فخرجوا على أثرهم على الفور فادركوهم على شاطئ البحر فأوحينا الى موسى بضرب البحر بالعصا فضرب فانفلق البحر وافترق فرقا فعبروا سالمين فلما ابصر فرعون وملاؤه انفلاق البحر وعبورهم منه سالمين فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ واقتحموا في البحر مغرورين بلا مبالاة وتأمل بَغْياً وَعَدْواً ظلما وزورا عتوا واستكبارا فاجتمع البحر بعد اقتحامهم وعاد على ما كان عليه فغرقوا حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ اى فرعون وايس عن حياته وجزم ان لا نجاة له أصلا قالَ في حالة الاضطرار مصرخا صائحا باكيا راجيا الخلاص بمجرد الإقرار آمَنْتُ واعترفت أَنَّهُ اى بانه لا إِلهَ يعبد بالحق إِلَّا الا له الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ المنقادين لما جاء به رسوله موسى وحين تفوه بها فرعون قد هتف هاتف من وراء سرادقات العز والجلال قائلا
آلْآنَ ايها الطاغي الباغي الغاوي آمنت حين انقرض وقت الايمان وانقضى زمانه وَقد أخذت على ما قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ في مدة حياتك وَقد كُنْتَ في زمان طغيانك وعصيانك الذي هو زمان الايمان والعرفان مِنَ الْمُفْسِدِينَ بأنواع الفسادات لا من المؤمنين
فَالْيَوْمَ والآن لا ينفعك إيمانك بل نُنَجِّيكَ ونخرجك من البحر بِبَدَنِكَ بلا روح ونسقطك على الساحل عريانا لِتَكُونَ أنت لِمَنْ خَلْفَكَ من المتجبرين المتكبرين آيَةً زاجرة وعبرة رادعة لهم عن العتو والعناد صارفة لهم عن الجور والفساد وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ الناسين عهودنا ومواثيقنا التي قد عهدنا مع استعداداتهم في حضرة علمنا ولوح قضائنا عَنْ آياتِنا الدالة على شدة أخذنا وانتقامنا لَغافِلُونَ مثلك ايها الطاغي
وَبعد ما أهلكنا فرعون وملائه بالغرق لَقَدْ بَوَّأْنا مكنا واسكنا حسب ما وعدنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ اى مقعد صدق وموضع ثبوت واستقرار وتمكين على ما تقتضيه نفوسهم وترتضيه عقولهم وَبعد تمكينهم وتوطينهم قد رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى من أطايب الاغذية والأشربة والفواكه ولذائذها فَمَا اخْتَلَفُوا في امر دينهم قبل نزول الكتاب عليهم بل هم متفقون مجتمعون على ما بلغهم رسولهم وهداهم اليه حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ وانزل عليهم الكتاب فما اختلفوا فيه وتفرقوا فرقا وتحزبوا أحزابا وانحرفوا عن طريق الحق وحرفوا كتابه سيما نعتك وحليتك واوصافك يا أكمل الرسل إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ويحكم عليهم يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يفصل بينهم ويميز محقهم عن مبطلهم بالاثابة والعقاب
فَإِنْ كُنْتَ يا أكمل الرسل فِي شَكٍّ وريب مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ في كتابك من قصصهم واخبارهم فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ وارجع إليهم لازالة شكك وحل شبهتك وتفحص عنهم حتى تنكشف لك وتحقق عندك وبالجملة لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ الصريح الصحيح الثابت المطابق للواقع بلا شوب ريب عليك مِنْ عند رَبِّكَ يا أكمل الرسل فَلا تَكُونَنَّ أنت فيه مِنَ المُمْتَرِينَ إذ ليس هذا محلا للشك والارتياب إذ لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من حكيم حميد عليم
وَبعد ما سمعت ما سمعت يا أكمل الرسل لا تَكُونَنَّ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 342